الإشكال 001 - المُحكم والمُـتشابه والأحسن ؟

  الإشكال 001 

المُحكم والمُـتشابه والأحسن ؟

أصل الإشكال :

يذكر الله وجود آيات مُحكمات وآيات مُـتشابهات في القرآن :

﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ آل عمران7.

في حين يذكر في موضع آخر أن القرآن :

﴿الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ هود1.

ويقول في موضع ثالث :

﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً الزمر 23.

========== 

رد الإشكال :

أصول العقيدة والتوحيد والدين في الإسلام مذكورة في القرآن في آيات مُحكمات المعنى لا يمكن معها التحريف، فلا يمكن مثلاً أن يُحرف أحدهم قول الله: ﴿وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ البقرة 163، أو ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ المائدة17، وهناك آيات أخرى مُتشابهات أي يمكن أن تحتمل أكثر من معنى: فيأخذ المؤمن المعنى الصحيح الموافق للدين، وأما الذي في قلبه زيغ فيأخذ المعاني الشاذة أو التي تناقض الدين كما في بقية الآية :

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ﴾ آل عمران 7.

وأما قول الله : (كتابٌ أُحكمت آياته) : أي أُجملت (من الإجمال الذي يقابله التفصيل) لذلك قال بعدها ثم فُصلت، وإحكام الآيات أيضاً أي لا خلل فيها ولا باطل، ذكره الطبري و القرطبي، وكما نرى لا تناقض بينه وبين آية المُحكمات والمتشابهات، بل ونقل البغوي في تفسيره معاني أخرى كلها لا تناقضه أيضاً مثل أن القرآن مُحكم لم يُنسخ بكتاب يأتي بعده، وأنه أُحكم بالأمر والنهي، وأنه ليس فيه اختلاف ولا تناقض، وكل ذلك لم يذكره صاحب الإشكالات الذي يزعم أنه قرأ 10 تفاسير !

وأما قول الله : (كتابا مُتشابها) : أي يشبه بعضه بعضاً في الحُسن والمعاني والقصص (ذكره الطبري وابن كثير والقرطبي وغيرهم) سواء في تكرارها من سورة لسورة (كما أشرنا في رد الإشكال 0) أو في المواضيع، وبذلك تبقى فوائد القرآن في أي جزء قرأناه منه. 

================== 

تكملة الإشكال 001

يريد صاحب الشبهة أن يوحي للقارئ بأن القرآن فيه آيات (سيئة) طالما ذكر الله أن فيه آيات (حسنة) أو (أحسن) ! فذكر قول الله :

﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ الزمر18

﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم﴾ الزمر55

﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ البقرة 106

=========== 

رد تكملة الإشكال 001

ذكر المفسرون (مثل تفسير البغوي والوسيط) أن اتباع أحسن القول يعني : عندما يذكر الله مرتبتين مثلاً في الحكم (مثلاً عقاب مَن ظلمنا أو العفو عنه) فإن الأحسن هو العفو عنه مثل قوله تعالى ﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ البقرة 237، وقوله ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾ النحل 126. وقوله ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ فصلت 34.

وأما الآية الثالثة (نأت بخير منها أو مثلها) فهي عامة مثل نسخ القرآن لغيره من الكتب السابقة وأحكامها (لأن بعض أحكام الكتب السابقة كانت عقاباً على بني إسرائيل) مثل قول الله عنهم: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ الأنعام 146، فلما جاء القرآن الخاتم نسخ كل ما سبق لأنه للناس كافة، وكذلك ما ينسخ من حكم آية في القرآن يأت بخير منها للتخفيف والتدرج ونحوه (مثل التدرج في تحريم الخمر) وكل ذلك ذكره المفسرون. 



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإشكال 009 - كيف يوجد ظل في الجنة وليس فيها شمس ؟