الإشكال 003 - القتال يناقض من شاء فليؤمن ؟

   الإشكال 003 

القتال يناقض من شاء فليؤمن ؟

أصل الإشكال :

﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ التوبة 5.

يرى صاحب الشبهة هنا أن هذه الآية تناقض قول الله تعالى في سورة البقرة (لا إكراه في الدين).

إذ يرى أنها لم تترك لغير المسلم إلا خيارين : إما القتل (وليس حتى القتال) وإما التوبة (أعتقد يقصد الدخول في الإسلام).

============ 

رد الإشكال :

في البداية : يكفي لرد الشبهة النظر إلى ما فعله النبي عملياً (وقد كان يخدمه يهودي ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي : ولم يقتل أي منهما !) وكذلك ما فعله الصحابة ثم المسلمون من بعدهم في البلاد التي فتحوها : هل قتلوا كل غير المسلمين في الشام ؟! في مصر ؟! أم تركوا أهلها على أديانهم من يهودية أو مسيحية أو غيرها ؟! (بل وحموا وجودهم ! وهم الذين أعادوا النصارى الأرثوذوكس الهاربين في مصر من بطش نصارى الروم الكاثوليك) !

إذن : هذه الآيات قيلت في وقت حرب سجال بين المسلمين وبين مشركي الجزيرة العربية، فنحن لا نعرف إلا المسلم -  والكافر المقاتل الذي يحل قتله وقتاله - والمعاهد (أي بيننا وبينه عهد) - و الذمي (أي من أهل الذمة غير المسلمين الذين يعيشون بيننا) - و المُستأمن (وهو من دخل أرض المسلمين بعهد أمان).

أما اليوم ؟؟

فهناك حدود ودول واتفاقات ومعاهدات وأمان ! يعني مثلاً هل يتخيل أحد أن مسلماً يسافر إلى دولة أجنبية فيقتل من فيها وقد استأمنوه عند دخولها ؟! أو هل يقتل المسلم غير المسلم الذي يدخل بلادنا بعهد أمان عند دخولها ؟! مَن قال هذا وأين ؟!

يقول المؤرخ الفرنسي (جوستاف لوبون) Gustave Le Bon في كتابه الشهير (حضارة العرب) La Civilisation des Arabes -  ترجمة عادل زُعَيْتَر (ص 134) طبعة مؤسسة هنداوي 2013م :

"وسيرى القارئ - حين نبحث في فتوح العرب وأسباب انتصاراتهم - أن القوة لم تكن عاملًا في انتشار القرآن، فقد ترك العربُ المغلوبينَ أحرارًا في أديانهم، فإذا حدث أن اعتنق بعضُ الأقوام النصرانية الإسلام، واتخذوا العربية لغةً لهم؛ فذلك لِما رَأَوا من عدل العرب الغالبين ما لم يروا مثلَه من سادتهم السابقين، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل.

وقد أثبت التاريخ أن الأديان لا تُفرض بالقوة، فلما قهر النصارى عربَ الأندلس : فضَّل هؤلاء القتل والطرد عن آخرهم على ترك الإسلام.

لم ينتشر القرآن بالسيف إذن، بل انتشر بالدعوة وحدها".

وهنا ملحوظة هامة : حيث إذا كان صاحب الشبهات نصرانيا أو يهوديا : فلديهم وحشية ودموية في قتل النساء والأطفال بل والحيوانات وحرق مدنهم انظر التثنية (20-10) حزقيال (9-6) يشوع (6-21) أما إذا كان ملحداً أو لادينياً فقد تسبب لينين وماو تسي تونج وبول بوت وهتلر في قتل أكثر من 100 مليون إنسان



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإشكال 009 - كيف يوجد ظل في الجنة وليس فيها شمس ؟