الإشكال 004 - القتال والإجبار يناقض الاختيار ؟
الإشكال 004
القتال والإجبار يناقض الاختيار ؟
أصل الإشكال :
استمراراً لافتراءات صاحب الشبهات السابقة، فهو يعرض هذه
المرة آيات الحوار وعدم الإجبار على الدين في القرآن :
﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾
البقرة 256.
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ الكهف29.
﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ
جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى
يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ يونس99.
﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ النحل
125.
﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾ الغاشية21 – 22.
ثم في المقابل :
يعرض الآيات والأحاديث التالية من دون بيان معناها ولا
تفسيرها ولا سياقها -كعادته- ليوحي بأنها
تناقض ما سبق :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ
فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ التوبة 123.
+ آية الجزية (يقصد
السابق الإشارة إليها).
﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ
تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ﴾ ولم يكمل الآية ﴿فَإِنِ
انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ الأنفال39.
+ حديث "أُمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله".
وأحاديث قتل المرتد،
وتارك الصلاة، أخذ
الزكاة بالقوة، قتال مانعها، حروب الردة... ويقول أن :
قتال الجيران (الذين يلونكم) لا يتوقف إلا عند الحدود البحرية، وذلك فيه اعتداء على القرى المجاورة الآمنة.
============
رد الإشكال :
بالنسبة لآيات وأحاديث قتال الكافرين فقد بيناها في
النقطة السابقة (رد الإشكال 3)  بما لا مزيد عليه، وقد أثبتنا عملياً وتاريخياً أن الإسلام لا ولم ولن يجبر أحداً على اعتناقه.
يتبقى بيان باقي التلاعب بالآيات والأحاديث والأحكام
كالآتي :
1) قتل المرتد :
الإسلام نظام اجتماعي
متكامل وليس ديني فقط، ومن هنا كان للاستقرار والسلم المجتمعي الأهمية
البالغة، وعليه : هذا المرتد إما أنه يبقى ردته سراً : فهنا
لن يتعرض له أحد، فحسابه وعقابه عند الله، وإما أنه يجاهر بإلحاده ويثير
بذلك الفتنة بين العوام والبسطاء (لأنه يذكر لهم تشويهات وأكاذيب في الدين يزعم
أنها سبب ردته ويستغل جهلهم وبساطة علمهم وعدم قدرتهم على الرد)، وهذا ما لا يقبله أي بلد في العالم بل يقضي على ويعتقل كل من يؤلب عليه، لكن في الإسلام
ندعوه أولاً إلى الحوار أو المناظرة، فإذا تهرب أو عاند (لعلمه بأن شبهاته لن
تصمد أمام شيخ مختص أو عالم) فهو هنا يُصر على إثارة
الفتنة، وهنا يكون قتله بعد استتابته، ولتقريب الفكرة بمثال :
تخيل شخصاً يسب أمك ويقول أنها زانية، وبدلاً من أن تبطش
به كنت عقلانياً ودعوته إلى إثبات ما يقول في حوار
ونقاش وأدلة : لكنه تهرب من هذا الحوار
: وفي المقابل لم يتوقف عن قول ما يقول !! هذا
بالضبط حال المرتد المجاهر والمتهرب من الحوار.
2) قتل تارك الصلاة 3) قتل مانعي الزكاة
(حروب الردة)
وقد جمعتهما معاً لأن سبب القتل ليس ترك الصلاة أو
الزكاة في حد ذاته (شخص متكاسل أو فقير مثلاً) بل لأنهم أنكروا
فرضية الصلاة والزكاة من الإسلام أصلاً !! يعني مسلم يقول لك لا صلاة، وآخر
يقول لك : لا زكاة ! وبهذه الطريقة كل من في قلبه مرض يثبت وينفي من دين الله حسب
هواه، وتلك في حقيقتها ردة مثل المرتد الذي تحدثنا عنه منذ قليل. وهذا ما حدث
بالفعل في عهد أبي بكر رضي الله عنه مع (حروب الردة).
4) قتال الجيران (الذين يلونكم)
وهذا وإن كنا قد أوضحناه في النقطة السابقة (رد الشبهة 3) إلا أننا نزيد هنا ذكر آيتين لإظهار
جهل فهم صاحب الشبهة للقرآن :
﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى
يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ﴾
التوبة 6.
﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ الممتحنة 8.

