الإشكال 006 - هل الحياة لهو ولعب ؟
الإشكال 006
هل الحياة لهو ولعب ؟
أصل الإشكال :
ينقل صاحب الإشكالات الآيات التي يذم الله تعالى فيها
الدنيا أمام المفتونين بها وبما فيها من المتع الزائلة فيقول لهم (وسنتعمد نقل
الآيات كاملة بعد أن بترها صاحب الشبهات):
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ
لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ الأنعام 32.
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ العنكبوت 64.
﴿إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ
أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ محمد 36.
﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ
وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ
نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي
الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ الحديد 20.
ثم يتساءل صاحب الشبهة :
كيف تكون الحياة الدنيا بأرضها وسمائها وبشرها لعب ولهو
؟
ثم يذكر الرد على نفسه لكن في سياق الاعتراض بنقل الآيات
التالية :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن
نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن
لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ الأنبياء 16- 17.
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ المؤمنون 115.
============
رد الإشكال :
يكفي لبيان مدى استخفاف صاحب الشبهة بالقارئ أن نذكر
الآية الأخيرة التي ذكرها مبتورة (لكننا نستكملها)، وفيها يذم الله تعالى مظاهر
اللهو واللعب في الحياة الدنيا لأن كل متعها زائلة ومنتهية : تماماً مثل النبات
الذي يهيج وتراه حسناً ثم سرعان ما يذبل !
يقول عز وجل (سنضع الشرح بين قوسين بالأسود) :
(اعْلَمُوا أَنَّمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا (أي متع الحياة الدنيا) لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ (أي مطر) أَعْجَبَ
الْكُفَّارَ (أي المزارعين : والكفر هو التغطية لأنهم يغطون البذور في
الأرض – ومنه الكفر وهو تغطية
الإيمان) نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ
مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً (أي بعدما أعجبهم نباته سينتهي إلى
الحطام سريعاً في هذه الدنيا الزائلة) وَفِي
الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ (أي للكفار) وَمَغْفِرَةٌ
مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ (أي للمؤمنين) وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد 20.
والحقيقة بعد هذا الشرح (والذي سنجده في كل كتب التفسير
العشرة التي يزعم صاحب الشبهات أنه قرأها ولم يجد فيها رد إشكالاته :
لا نعرف ما علاقتها بالآيات الأخرى التي ذكرها عن الله
؟!
لأنها آيات تؤكد أن الله تعالى لم يخلق الدنيا عبثاً بلا غاية، وأنه لم يخلقها للعب، وأنه لو أراد لهواً لاتخذه عنده من لدنه وحاشاه سبحانه، يقول البغوي
في تفسيره :
(قوله عز وجل : وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين، أي عبثاً وباطلاً)، وفي الآية الأخرى ينفي الله العبث عن نفسه أيضاً، فإنما خلق الدنيا داراً للامتحان والاختبار والإظهار.
